العواصف الترابية ضيف ثقيل يحل على العراق.. ما أسبابها وكيف يمكن الحد من تأثيرها؟

الـتـغـيـر المنـاخـي - العـواصـف التـرابـيـة
يشهد العراق منذ شهرين عواصف ترابية تحل ضيفاً ثقيلاً على ساكنيه، لاسيما في محافظات الوسط والجنوب مع تأثر المحافظات الشمالية بشكل أقل، حيث تعرض العراق في الفترة الماضية لأكثر من ثمانية عواصف ترابية بشكل متكرر وغير مسبوق كان أخرها خلال الأيام الأخيرة الماضية، والتي أدت لأيقاف العمليات البحرية وحركة الطيران في المطارات بسبب انعدام الرؤية، مع أعلان عدد من المحافظات تعطيل الدوام الرسمي، وتأجيل امتحانات طلبة المدارس والجامعات ليوم أمس الثلاثاء بسبب استمرار تأثير العاصفة.

كما أدت العواصف التي شهدتها العاصمة بغداد ومحافظات أخرى إلى دخول ‏الآلاف من المواطنين إلى المستشفيات لتلقي العلاج لإصابتهم بالاختناق ومشاكل في الجهاز التنفسي.
وبحسب إحصائيات أعلنتها وزارة الصحة لتأثير العواصف الترابية فقد سجل العراق حالة وفاة واحدة وأكثر من 5 آلاف حالة اختناق بسبب تعرضه لعاصفة ترابية يوم الخميس الموافق 5 أيار 2022.
فيما أعلنت الوزارة عن ارتفاع عدد حالات الاختناق نتيجة العاصفة الترابية الأخيرة التي بدأت مساء يوم الأحد إلى 4 آلاف حالة تلقى جميعها العناية الصحية.

وبالحديث عن أسباب زيادة تعرض العراق للعواصف الترابية، يأتي التغير المناخي في المقدمة، حيث يصنف العراق من أكثر البلدان تأثراً بالتغير المناخي وفقاً لبيان بعثة الأمم المتحدة في العراق "يونامي" عام 2020، وهو ما أكده وزير البيئة العراقي، جاسم الفلاحي، عام 2021، الذي ذكر ان العراق خامس أكثر دولة في العالم تأثراً بالتغيرات المناخية.
حيث أصبح العراق يعاني من قلة الأمطار التي تتسبب بزيادة الجفاف إضافةً لقلة الغطاء النباتي والحزام الأخضر كذلك هشاشة الأرض في المناطق الغربية التي تتضمن مساحات واسعة من الأراضي الصحراوية المتمثلة بصحراء محافظة الأنبار، حيث ان الرياح تؤثر على هيجان الاتربة والغبار".

الصورة

كما حدد مدير إعلام هيئة الأنواء الجوية العراقية، عامر الجابري، يوم الإثنين 16 أيار 2022، سبباً أخر لزيادة العواصف الترابية قائلاً ان "التوقعات كانت تشير إلى أن العراق سيتأثر بمنخفض موسمي قادم من الهند منتصف آيار الجاري والذي يتسبب بارتفاع درجات الحرارة وقلة نشاط الرياح لكن دخل على الخط منخفض جديد قادم من الصحراء الكبرى بشمال أفريقيا تسبب بالعواصف ونعتقد أن تأثيره سيقل في الأيام المقبلة مع دخول منخفضات جديدة ترفع درجات الحرارة".

وحذر المدير العام للدائرة الفنية في وزارة البيئة العراقية، عيسى الفياض، في لقاء مع وكالة الأنباء العراقية، بتاريخ 5 نيسان 2022، من تزايد العواصف الرملية، خصوصا بعد ارتفاع عدد الأيام المغبرة وقال أن "التغيرات المناخية عامل أساسي في زيادة موجات الغبار، وبحسب الإحصائيات المسجلة من قبل الهيئة العامة للأنواء الجوية، ارتفع عدد الأيام المغبرة من 243 يوماً الى 272 يوماً في السنة لفترة عقدين من الزمن، ومن المتوقع أن تصل إلى 300 يوم مغبر في السنة عام 2050".
وأشار إلى أن "نحو 70% من الأراضي الزراعية متدهورة أو مهددة بالتدهور، نتيجة التغيرات المناخية، وبالتالي فقدان الغطاء النباتي الذي يعتبر العامل الرئيس لتثبيت التربة".

وفي حديثه عن المخاطر البيئية للعواصف الترابية قال الفياض انها تؤثر على الجانب الصحي للإنسان، ويعتبر مرضى الجهاز التنفسي مثل مرضى الربو والتحسس وضيق التنفس من أكثر الفئات تأثراً، بالإضافة إلى الضغط على الكوادر والبنى الصحية، فضلاً عن التأثيرات الاقتصادية على الدولة نفسها من حيث انقطاع الطرق وانعدام الرؤية وحظر الطيران وارتفاع تكاليف الصيانة وخصوصاً في ما يتعلق بالخلايا الشمسية".

وبين الفياض، ان من بين الحلول التي يجب القيام بها لتفادي تأثير العواصف الترابية: زيادة مساحة الغطاء النباتي، وإنشاء الغابات التي تعمل كمصدات للرياح من أشجار مناسبة قوية الجذوع وسريعة النمو وقليلة الحاجة للمياه وتتحمل درجات حرارة مرتفعة، وأن من شأن هذه الأشجار تقليل كميات الغبار في الجو".
وأشار إلى أن "هذا الامر يتطلب اجراء دراسة تتضمن تحديد نوع العواصف الترابية ومواقع اختلال الضغط الجوي ونوع الأشجار وسوى ذلك"، لافتا الى اهمية "إعادة تأهيل مواقع الغطاء النباتي وتفعيل زيادة مساحة الغابات الاصطناعية التي تقوم الوزارة المعنية بانشائها في مواقع أو مساحات أراضي جرداء، بهدف زيادة مساحة وكثافة الغابات وهو ما يعرف عالميا بالتحريج الاصطناعي".
وأكد على ضرورة "التوعية والحد من الممارسات السلبية تجاه إزالة الغطاء النباتي وتغير صنف وانواع الأراضي الزراعية إلى سكنية أو صناعية، وأن إنشاء الأحزمة الخضراء جزء من حل المشكلة التي يعاني منها البلد بسبب التصحر وتدهور الأراضي الزراعية"، منوها على "زراعه الأنواع النباتية الأصيلة والمثبتة للتربة السطحية ودائمة الخضرة، خاصة في المناطق التي تقع ضمن اتجاهات الرياح السائدة وخارج تصاميم المدن".

وعن الدور الحكومي في معالجة تأثير التغير المناخي، قال الفياض أنه "تجري حاليا دراسة استخدام مياه المجاري لسقي الاشجار غير المثمرة كما هو معمول به في العديد من دول العالم، ومن الممكن أن يتم تخصيص مبلغ 100 مليون دولار كمرحلة اولى لمشروع الحزام الأخضر".
كما أعلن رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي في منتصف أذار الماضي، عن تأليف لجنة للإشراف على إعداد وصياغة (الورقة الخضراء) المتعلقة بالستراتيجية الوطنية لمواجهة التغيرات المناخية.