ما هي أسباب تعرض بحيرة ساوة للجفاف وكيف يمكن أن تعود إلى طبيعتها؟

الـتـغـيـر المنـاخـي
بـحـيـرة سـاوة
شهد العراق خلال الشهر الماضي اندثار معلم جيولوجي وبيئي بارز في طبيعته تمثل في جفاف بحيرة ساوة التي يبلغ عمرها آلاف السنين.

مجموعة صورة التقطها عدسة قناةروود رووداو بتاريخ 14 نيسان 2022، توثق جفاف بحيرة ساوة

وساوة هي بحيرة مغلقة مالحة بطول 4.74 كلم وعرض 1.77كم، تظهر بشكل كمثري وسط صحراء بادية السماوة بالقرب من نهر الفرات بمحافظة المثنى جنوب العراق التي تعتبر البحيرة من أهم رموزها الجغرافية والتاريخية.

صورة ملتقطة من خرائط Google عام 2015، تظهر فيها بحيرة ساوة بشكل كمثري

تعتبر ساوة من البحيرات المميزة لما تتمتع به من مواصفات فريدة على صعيد التكوين الفيزيائي تجعلها ذات شهرة عالمية منها:
1- انها لاتملك انهار تصب فيها أو تخرج منها ولا يوجد أي مصدر أمداد ظاهري للمياة حيث تحيط بها الصحراء من جميع الإتجاهات إنما تتزود بالمّياه الجوفية من تحت البحيرة والتي ترشح اليها عبر الصدوع والشقوق.
2- إرتفاع نسبة الملوحة فيها مقارنة بباقي البحيرات والأنهار في العراق.
3- تحتوي البحيرة على عدد من المعادن المفيدة علاجياً بسبب تركيبة مياهها الكيميائية التي يكثر فيها عنصر الكبريت.
4- تحتوي البحيرة على عدد من الأسماك والكائنات البحرية، وأسماكها عمياء يمكن للناظر إليها أن يرى هيكلها العظمي من خلال جلدها الشفاف.
ولعل الأغرب أنها فور خروجها من الماء وتعرضها للشمس تذوب في الكف، لأنها تحتوي على كميات عالية من الشحوم.
5- تمتلك البحيرة القدرة على بناء جدران ملحية (تتشكل أساساً من الجبس) تَحيط بالبحيرة من جميع الجهات، وهذه الجدران الملحية تشكل حاجزاً يمنع مياه البحيرة من التبدي والطفحان على الأراضي المجاورة.


وبالحديث عن ما واجهته البحيرة مؤخراً فأن شبح الجفاف لم يخيم عليها فجأة فقد سبق ان شهد العام الماضي تحذيرات من قرب تعرض البحيرة للجفاف واختفاء معالمها.
كما اعلن مدير بيئة المثنى (يوسف سوادي) في حديث لوكالة شفق نيوز، بتاريخ 17 نيسان 2022، "ان بحيرة ساوة لوحظ التغيير على وضعها منذ عام 2014".
أما عن أسباب جفافها فيذكر (سوادي) "ان هناك ثلاث عوامل رئيسية وراء الجفاف الذي أصاب البحيرة، منها:
1- التغيير المناخي الذي أصاب العالم والعراق من أكثر البلدان تأثرا به.
2- تغيير الصفائح الزلزالية والتي غيرت المجرى الطبيعي لها تحت الأرض.
3- قيام العشرات من الفلاحين وأصحاب المصانع والمعامل بإنشاء الآبار الارتوازية التي أسرفت في استخدام المياه الجوفية، مما ساهم بانخفاض الكميات الواصلة إليها بشكل كبير جدا.
وهو ما أكده موقع (weather channel) الذي ذكر ان الأسباب بسبب الجفاف الناجم عن تغير المناخ وتجميع المياه الجوفية للأغراض الزراعية والصناعية.

لا شيء هناك سوى الجفاف: رؤية بحيرة ساوة من الجو  (صور)
صورة نشرتها وكالة شفق نيوز بتاريخ 20 نيسان 2022 لبحيرة ساوة

من جانبه ذكر مستشار وزارة الموارد المائية (عون ذياب) لوكالة فرانس برس، أن جزء من الجفاف في بحيرة ساوة هو بسبب "النقص الحاد في كمية الأمطار"، مشيراً إلى انخفاض معدل الامطار في المنطقة القريبة للبحيرة إلى 30 بالمئة عن معدلاتها في السابق، الأمر الذي قطع التغذية عن المياه الجوفية التي تتعرض في الوقت نفسه لعمليات سحب مستمرة بواسطة الأبار، وتزامن كل ذلك مع "ارتفاع درجات الحرارة" ما أدى إلى تفاقم ظاهرة "تبخر" مياه البحيرة حسب قوله.

وفي إطار الحلول المطروحة للحفاظ على بحيرة ساوة، ذكر سكرتير تجمع حماية البيئة والتنوع البيولوجي في العراق (أحمد الجشعمي) في حديث لجريدة الصباح بتاريخ 28 أذار 2021، "أن إنقاذ البحيرة يأتي من خلال إحالتها للاستثمار وإعادة بناء المرافق المحيطة بها، فضلا عن تكثيف الجهود لإدخالها ضمن اتفاقية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو" (UNESCO) للتراث العالمي، لتكون بإشراف دولي من الجانبين العلمي والبحثي، بعد أن انضمت في العام 2015 إلى اتفاقية (رامسار) لحماية الأراضي الرطبة".

لوحة كبيرة تشير إلى أن بحيرة ساوة تخضع لاتفاقية "رامسار" الدولية الخاصة بحماية الأراضي الرطبة

كما ذكر (راي محمد) المنسوب لدائرة المهندس المقيم في بحيرة ساوة في حديث لقناة العراقية الإخبارية، وجود عدة مقترحات لإنقاذ البحيرة وهي أستخدام طرق الري الحديثة ووضع مقايس واقفال على الأبار الخاصة بالاستخدامات الصناعية.

وبعد انحسار وصل الى حد الجفاف خلال شهر نيسان الماضي، شهد شهر أيار الجاري عودة المياه الجوفية للتدفق في بحيرة ساوة من خلال عين التجهيز الموجودة في وسطها، حيث بدأت بالتعافي وتسجيل منسوب مياه متزايد بالتزامن مع توقف عمليات السقي من الآبار القريبة.
وذكر (يوسف سوادي) في حديثه لقناة العراقية الإخبارية، ان "الارتفاع الطفيف في مناسب المياه في بحيرة ساوة طبيعي وذلك بسبب توقف الموسم الزراعي لهذا العام وكذلك إيقاف الآبار القريبة منها وخاصة المشاريع الصناعية ومشاريع الملح ومعامل الأسمنت".

كما اظهر مقطع فيديو نشرته قناة رووداو بتاريخ 18 أيار 2022، عودة البحيرة إلى الحياة وزيادة المساحات الرطبة فيها حيث ذكر (راي محمد) لرووداو "ان المساحة الرطبة من البحيرة تتراوح بين 13-14%".