التغير المناخي وتأثيره على غزلان الريم في محمية ساوة

التغـير المـناخـي

نفوق غزال الريم

غزال الريم وتسمّى ايضاً بالغزلان الدرقيّة لانتفاخ عنق الذكور وحلقها خلال موسم التزاوج، هي أحد انواع الغزلان التي تتواجد في مناطق واسعة من قارة آسيا، ويمتد موطنها في السابق من جنوبي شبه الجزيرة العربية واسيا الوسطى حتى جنوب منغوليا، إلاّ أن هذا الموطن قد تقلّص بشكل كبير منذ بداية القرن العشرين.

قد تكون صورة ‏‏غزال‏ و‏طبيعة‏‏

يرتبط غزال الريم تاريخياً بالصحراء العراقية التي هي موطنه الأصلي، فضلاً عن توزعه في مناطق أخرى في العالم مثل ليبيا ومصر والجزائر التي يصنفها الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة على أنها من الأنواع "المهددة بالانقراض" في حين تعتبر هذه الغزلان منقرضة في عدد من الدول مثل جورجيا، الكويت، سوريا، واليمن، كما أنها شارفت على الانقراض في الأردن.

لا يتوفر وصف للصورة.

أما في العراق وبالتحديد في محمية ساوة الواقعة في محافظة المثنى جنوب العراق والتي تأسست في عام 2006 للحفاظ على التنوع الاحيائي والبايلوجي حيث تم استقدام قرابة 25 غزال ريم من محمية الرطبة بواقع 20 انثى و5 ذكور لحماية هذه الفصيلة من خطر الانقراض.

بعد كل تلك السنوات أصبحت الغزلان المتواجدة في هذه المحمية تعاني ظروفاً صعبة حيث اصبحت تبحث عن شيء لتأكله، بعد هلاك لحق بها وأدى إلى انخفاض اعدادها بشكل كبير أثر انقطاع موارد الغذاء عن هذه الحيوانات النادرة، والجفاف وغياب الدعم الحكومي.

ووفقاً لما ذكره (تركي الجياشي) مدير مشروع محمية ساوة الطبيعية لـ(فرانس برس) بتاريخ 18 حزيران 2022، فان:

 "منذ 29 نيسان، نفق نصف هذه الغزلان حيث انخفضت أعدادها في المحمية من 148 رأساً إلى 87 في شهر واحد"، موضحاً أن "العوامل المناخية أثّرت بشكل كبير على غزلان الريم".

وبالحديث عن العوامل المناخية لابد ان الإشارة إلى أن العراق يعدّ واحداً من الدول الخمس الأكثر تأثراً بالتغير المناخي خصوصا بسبب تزايد الجفاف مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز لأيام من فصل الصيف الـ50 درجة مئوية، والتصحر الذي أصبح يؤثر على نسبة "39% من الأراضي العراقية"، بحسب كلمة لرئيس الجمهورية (برهم صالح) بتاريخ 5 حزيران 2022، أضاف فيها أن:

 "شحة المياه تؤثر الان سلبا على كل انحاء بلدنا وستؤدي الى فقدان خصوبة الاراضي الزراعية بسبب التملح".

وقد بدأت انعكاسات ذلك تتجلّى في مفاصل عدة، أبرزها التراجع في الزراعة وجفاف بعض البحيرات منها بحيرة ساوة الواقعة في محافظة المثنى ايضاً والعواصف الترابية المتكررة.

ويظهر تاثير التغير المناخي بشكل واسع كسبب مؤثر على غزال الريم في المحمية متمثلاً بشحة الأمطار الذي منع ظهور نباتات عشبية تستطيع الحيوانات أن تقتات منها وارتفاع درجات الحرارة الذي يزيد من حاجتها للمياه وكثرة موجات الغبار على المنطقة كل تلك الاسباب اصبحت تؤدي الى موت أكثر من 5 حالات يوميا بحسب ما ذكره الجياشي لـ(جريدة الصباح) بتاريخ 1 حزيران 2022.

وأضاف الجياشي أن: 

"توقّف الإمدادات الغذائية بسبب عدم توافر الاعتمادات المالية، شكّل سبباً رئيسياً" أخر في نفوق الغزلان.

وعن تناقص اعداد غزلان الريم النادرة في محمية ساوه وخطر هلاك ماتبقى منها وانقراضها فان مدير المحمية (تركي الجياشي) كان قد وصف ذلك بانه:

 "كارثة بحق الطبيعة".

قد تكون صورة ‏‏حيوان‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏

اما عن الحلول المطروحة لإخراج المحمية من واقعها والحفاظ على ما تبقى من حيوانات، يقول الجياشي أن: 

"المحمية تلقت مبلغ "مئة مليون دينار عراقي ( 70 الف دولار) من رئيس الجمهورية بهدف إنعاشها"، ويضيف " ما دامت السيولة المالية تتوافر، فللمحمية خطط وامكانات سوف تنتشلها من هذا الواقع إلى آخر أفضل بكثير".

فيما أشار عضو تجمع التنوع الاحيائي والبيئي (أحمد حمدان) لـ(جريدة الصباح) الى أن: "هذا النوع من الغزلان من المفترض أن يتم الاعتناء به، من خلال الإكثار من أعداده".

ولمتابعة الوضع العاجل والراهن الذي تتعرض له غزال الريم في بسبب الجوع والعطش زار وفد من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في العراق مؤخراً محمية ساوة، حيث التقي ممثل منظمة الأغذية والزراعة في العراق، صلاح الحاج حسن و فريق الخبراء من المنظمة مع السلطات المحلية في محافظة المثنى إلى جانب ممثلين عن وزارتي الزراعة والبيئة و جامعة المثنى لمناقشة هذه القضايا.

وحثت المنظمة على وضع خطة عمل للتدخلات الفورية وطويلة الأجل المستدامة.

وقال حسن:

"تلتزم منظمة الأغذية والزراعة بالعمل عن كثب مع السلطات المحلية ووزارتي الزراعة والبيئة لمنع انقراض الحيوانات في محمية ساوة الطبيعية ولحماية التنوع البيولوجي الغني في العراق. سوف ننفذ خطة مستدامة قصيرة وطويلة المدى. "

وبحسب ما ورد في بيان الفاو فان الإجراءات الرئيسية التي سيتم تنفيذها:

- استخدام منحة دعم رئيس الجمهورية للحصول على حلول مستدامة طويلة الأمد.

- ستوفر منظمة الفاو بشكل عاجل 15 طنا من الأعلاف المركزة و5 أطنان من مكملات الأعلاف الحفازة (دبس السكر وكتل العلف متعدد المغذيات).

- ستوفر دائرة كهرباء المثنى والحكومة المحلية الكهرباء لموقع المحمية.

- إعادة تأهيل سور المحمية ووضع نموذج للطاقة الشمسية بدعم من الفاو لمرافق الري.

- إدخال زراعة محاصيل الأعلاف المقاومة للجفاف والملوحة (البرسيم والذرة الرفيعة السودانية) والشجيرات (رغل دائري الشكل)، وستوفر الفاو البذور والخبرة الفنية.

- تدريب العاملين بالمحمية وكذلك المزارعين المجاورين بالتعاون مع كليتي الزراعة والطب البيطري بجامعة المثنى.

- دمج منطقة من المحمية والقرى المجاورة لها بما في ذلك المناطق المحمية ذات السواحل ضمن مشاريع منظمة الفاو لزراعتها ببذور العلف وتدريب المزارعين.

-متابعة وثيقة لتنفيذ هذه الإجراءات في أسرع وقت ممكن.