كيف يؤثر التغير المناخي على النساء؟

التغير المناخي
بعد أن باتت تداعيات التغير المناخي جليةً أمام الأعين، متمثلةً بالتصحر وقلة الأمطار التي أدت الى انحسار مساحة الأراضي الصالحة للزراعة وبالتالي زيادة أسعار المحاصيل الزراعية، وارتفاع درجات الحرارة التي تؤثر بشكل مباشر على الحيوانات والمسطحات المائية وزيادة تبخر مياهها، والعواصف الترابية التي تعرضت لها البلاد بشكل متكرر مُخلفةً أضرار إقتصادية بتعطيل الحركة الجوية والبحرية وتعطيل الدوام الرسمي وأضرار صحية بتسجيل الآلاف من حالات الاختناق وعدد من حالات الوفاة.

تأثر التغيرات المناخية أيضاً على الإنسان ولكن على نحو غير متساوٍ بين الجنسين، حيث تعد النساء غالباً أكثر تضرراً بالتغيرات المناخية منالرجال.

كما أنه وبحسب تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان لعام 2019، فأن خلال الظواهر المناخيّة القصوى، من المرجّح أن تموت النساء أكثر من الرجال، بسبب اختلافات تتجلّى على مستوى الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة والوصول إلى المعلومات. كما تتعرّض النساء الحوامل والمرضعات لانعدام الأمن الغذائيّ الناتج عن تغيّر المناخ. كما قد تتسبّب مياه الشرب الأكثر ملوحة بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر، في ولادات مبكرة ووفيّات امهات وأطفال حديثي الولادة. ويمكن أن يؤدي الضغط الاقتصاديّ الناجم عن الكوارث وتغيّر المناخ إلى حالات زواج أطفال وزواج مبكر وزواج بالإكراه، كاستراتيجيّة للتكيّف. كما أن المخاطر العارمة التي تهدّد الأرض والمياه والكائنات وسبل العيش تؤثّر بشكل كبير على النساء اللواتي يعملن في الأرض أو يعتمدن على النظم الإيكولوجية لإعالة أسرهنّ.

وخلص التقرير الذي رفعته المفوضية إلى أنّ التمييز المتأصّل يكثّف آثار تغيّر المناخ بالنسبة إلى المرأة لا سيما عندما تتعرّض المرأة أيضًا إلى التمييز ضمن مجتمعها المهمّش. كما يصف التقرير العديد من النتائج الضارة، بما في ذلك الانعكاسات السلبيّة على حقّ المرأة في الصحّة والأمن الغذائيّ وسبل العيش والتشرّد القسريّ لأنّ المناطق تصبح غير صالحة للسكن، ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة عام 2018 فإن 80 في المئة من النازحين بسبب التغير المناخي كن نساء.

صندوق (Malala Fund)، الذي تموّله الناشطة الباكستانية الشهيرة (ملالا يوسفزاي) التي تركز على خلق فرص لتعليم الفتيات، نشر في أيلول 2021 ست عواقب لتأثير تغيّر المناخ على تعليم البنات تحديدا:

  • الفتيات في الأسر التي تمر بأوضاع صعبة أكثر عرضة لهجر المدارس والزواج أثناء الأزمات المناخية من أجل مساعدة أسرهنّ.
  • غالبا ما تلقى مسؤولية جلب المياه على الفتيات والنساء، ونتيجة لذلك، تزداد احتمالية سحب الفتيات من مدارسهن في أوقات الجفاف.
  • يتسبب تغير المناخ في إغلاق المدارس وتشريد الطلاب - وهذا يؤثّر أكثر على الفتيات.
  • يمكن أن يجعل الجفاف الفتيات أكثر عرضة للتغيب عن المدرسة أثناء فترة الدورة الشهرية.
  • عندما تغلق المدارس بسبب الكوارث المناخية، يقل احتمال حضور الفتيات للمرافق المؤقتة خوفا من تعرضهنّ للمضايقات أو للعنف على الطريق.
  • تؤدي الأمراض، التي يتسبب بها التدهور البيئي، إلى انخفاض معدلات الالتحاق بالمدارس وزيادة معدلات هجر الفتيات لها تحديدا.


مؤخراً وعلى المستوى المحلي شهدت العاصمة العراقية بغداد بتاريخ 29 تموز 2022، مؤتمر "البيئة والتغيرات المناخية في أجندة المساواة وتمكين النساء في العراق" برعاية الأمانة العامة لمجلس الوزراء ممثلة بدائرة تمكين المرأة العراقية وبالتعاون مع وزارة البيئة وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي.

وقالت مدير عام دائرة تمكين المرأة العراقية، (الدكتورة يسرى كريم): "إن أزمة المناخ العالمية تعد أحد أهم التحديات التي تواجه العالم؛ لأنها تترك آثارا إنسانية مدمرة على الجميع وتزداد حدتها في البلدان النامية ولاسيما في أوضاع الفئات الهشة وفي مقدمتها النساء والفتيات".

وبينت أن "العمل على إدارة مخاطر التغير المناخي لا يمكن أن يكون ناجحاً أو مستداماً إذا لم يشمل إدماج النساء فيه، وفي ظل الواقع البيئي الذي يعيشه العراق من تصحر وجفاف ومخاطر إنسانية مركبة، كون النساء أشد تضررا في التأثر بواقع تغير المناخ ونتائجه، ويتجلى ذلك بوضوح في تسرب الفتيات من المدارس، والزواج المبكر؛ بسبب رغبة الأُسَر التخلص من الأعباء الاقتصادية، كما يظهر في تراجع واقع المرأة الريفية الاقتصادي والاجتماعي".

وأشارت إلى "أن إدارة المخاطر البيئية تتطلب إدخال وإدماج النساء في العمل المناخي، وتظهر التجارب الدور الكبير الذي تمارسه مساهمات النساء في العمل المناخي  والنجاحات التي حققتها المرأة في هذا المجال".

وبالحديث عن الحلول الواجبة أوضحت كريم، "ضرورة العمل على زيادة تمويل المشاريع التي تهدف إلى التخفيف من حدة الآثار السلبية للمناخ، وتحقيق التوازن المتفق عليه من خلال تخفيف التداعيات، ودعم الجمعيات الوطنية والجهات الفاعلة المحلية الأخرى للوصول إلى التمويل المتعلّق بالمناخ وتعزيز الترابط بين المقاربات الإنسانية والإنمائية والبيئية والمناخية من خلال دمج إدارة المخاطر لبناء القدرة على التكيّف مع المناخ، وإدماج النوع الاجتماعي في عمليات إدارة المخاطر البيئية، وتمكين النساء والفتيات لتحسين قدراتهن للعمل المناخي".

النساء في الأهوار هن الأكثر تاثراً بالتغير المناخي 
في ظل الظروف الصعبة والتحديات التي يعاني منها سكان الاهوار من الفقر وشحة في الخدمات الرئيسية مثل مياه الشرب وعدم توفر الطاقة الكهربائية مع نقص الخدمات الصحية والتعليمية، يشكل التغير المناخي في المنطقة تهديدا وعبئاً مضاعفاً على حياة السكان وسبل معيشتهم (بحسب تقرير للأمم المتحدة).

النساء في المجتمع الاهواري تختلف في عملها اليومي ومساهمتها في تطوير الاسرة عن النساء في المجتمع الريفي والمجتمع الحضري اذ ان المرأة في الاهوار تساهم كالرجل في الذهاب إلى الهور بشكل يومي من أجل قطع القصب و تجميعه واستخدامه كعلف للجاموس كما وتقوم بتحضير الحليب ومشتقاته من الجاموس ومراعاة القطيع فضلا عن تربية الأطفال والاهتمام بشؤون الاسرة.

إن عمل المرأة الاهوارية اليومي هو عمل شاق جدا في ظل ظروف تطرف المناخ العراقي المعتاد اذ انه حار جاف صيفا وبارد ممطر شتاءا مع تزايد آثار تغير المناخ السلبية، أصبح من الواضح أن النساء في منطقة الأهوار هن أول من يعاني من شحة المياه بسبب التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، حيث يؤثر الجفاف على الجاموس التي يقمن بتربيتها مما يضطرهم إلى البحث عن مصادر ابعد لتوفير المياه. ومن الجدير بالذكر بأن الجاموس في الأهوار يعد من الحيوانات شديدة الحساسية لتردي نوعية المياه وارتفاع درجة الحرارة، لذلك فإن سكان الاهوار يضطرون للمغادرة الفورية من الأماكن التي تتردى فيها نوعية المياه بسبب الشحة وارتفاع درجات الحرارة.

وتجمع المصادر على ان علاقة سكان الاهوار والنساء على وجه الخصوص بالجاموس في الأهوار هي علاقة تاريخية تمد الى الاف السنين ويتعذر على سكان الاهوار العيش بدون جاموس كما يعد الجاموس هو المحدد الأساسي لارتباطهم بالأرض.

الحلول المبتكرة
في النهاية لابد من ذكر الحلول لتقليل من أثار هذه المشكلة، فبالإضافة للحلول التقليدية لمواجهة آثار التغير المناخي وتداعياته لابد من إشراك النساء في اتخاذ وصنع القرار البيئي وذلك بـ:

  • العمل على سن أُطر قانونية داعمة للنساء، مع ضرورة التوعية بمخاطر التغير المناخي.
  • تطوير السياحة البيئية وتوفير فرص عمل للنساء والرجال.
  • تعزيز المساواة بين الجنسين في سياق أزمة المناخ، بإدخال ودمج النساء صنع القرار والمشاركة في التصدي للتغير المناخي.
  • تعزيز الترابط بين المقاربات الانسانية والانمائية والبيئية والمناخية.
  • دعم مجتمعات الاهوار لتصبح قادرة على مجابهة التغير المناخي.