بعد تصريح وزير النقل بعدم وجود اساس له في الوزارة… المحطات التأريخية لمشروع طريق الحرير في العراق بين الواقع والتصريحات السياسية

خلال الأيام الماضية صدرت عدة تصريحات عن مشروع طريق الحرير الصيني، ومن بينها ما بيّنه وزير النقل الحالي (رزاق محيبس السعداوي) خلال لقاء له على شاشة قناة العراقية الاخبارية نهاية شهر ايار 2023، أنه اجتمع بكادر الوزارة وأتضح بانه لا وجود لمشروع طريق الحرير الصيني في الوزارة، وذلك بعدما طالب بأوليات المشروع، حسبما ذكر.

وهذا ما أكده مستشار السوداني (ناصر الاسدي) عندما صرح قائلاً:

"طريق الحرير عبارة عن تجاذب سياسي ما بين امريكا والصين، المخططات على الفيسبوك غير حقيقية، المخططات غير موجودة".

خلال لقاء له عبر قناة (الجنوب الفضائية) بشهر ايار 2023.

بينما كان لمستشار السوداني (حسين علاوي) رأي مخالف قليلاً عندما ذكر خلال لقاء له على قناة (دجلة الفضائية)، أن طريق الحرير"يلامس حدود الشمالية من اقليم كوردستان" وليس داخل حدودها، وذلك بعد أن حصل على خريطة من مجلة مترجمة أثناء تواجده بالمغرب عام 2019، بحسب ما ذكر.

تداولت هذه المنشورات والتصريحات على مواقع التواصل الاجتماعي بالتزامن مع مشروع "طريق التنمية" الذي أعلن عنه رئيس مجلس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، والذي من المفترض أن يربط ميناء الفاو الكبير جنوب العراق بتركيا وصولاً إلى أوروبا، بمشاركة 10 دول إقليمية (السعودية، تركيا، سوريا، الأردن، الكويت، البحرين، قطر، الإمارات، إيران، عمان، بالإضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي)، وذلك خلال مؤتر عقده في بغداد بتأريخ 27 ايار 2023.

لذا ارتأى لنا أن نذكر ما تم تداوله من أخبار سياسية محلية ومواضيع عالمية تم طرحها خلال الأعوام الماضية حتى الوقت الحاضر عن المشروع الصيني وعلاقة العراق به.

الحزام والطريق (طريق الحرير الصيني ومبادرة طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين)، وهي مبادرة اطلقتها الصين عام 2013 الغرض منها توسيع روابطها التجارية من خلال احياء الطريق التأريخي القديم الذي كان يربط الشرق بالغرب، عن طريق هذا المشروع تسعى الصين لربط آسيا بأوروبا.

وتشمل هذه المبادرة طريق بري وبحري، بمشاركة 147 دولة ونحو 70% من سكان العالم، ومن بينها 18 دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي تعمل ضمن هذه المبادرة.

وبحسب الخرائط المتوفرة فإن العراق يقع على الطريق البري، حيث يمر الطريق بالجزء الشمالي من البلاد.

خارطة
undefined

عام 2015 عمل رئيس مجلس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي على زيارة للعاصمة الصينية بكين وتوقيع عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم (اقتصادية، دبلوماسية، عسكرية، وتكنولوجية)، وتضمنت مذكرة التفاهم الأولى "المشاركة ببناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين".

يذكر أن السفير الصيني لدى العراق (تشن وي تشينغ) اثناء كلمة ألقاها في الحدث الثقافي لطريق الحرير الذي نظمته وزارة الثقافة العراقية عام 2018، أوضح أن:

"العراق من أوائل الدول العربية التي وقعت وثائق تعاون مع الصين بشأن مبادرة الحزام والطريق".

بعدها وفي عام 2019 زار (عادل عبد المهدي) الصين لخمسة ايام عندما كان يشغل منصب رئيس مجلس الوزراء، وقع خلالها على مذكرات تفاهم واتفاقيات مرتبطة بالبنى التحتية ومنها طريق الحرير.

وخلال ذات العام ذكر (حيدر التميمي) نائب مدير قسم البحوث التاريخية في مركز الأبحاث العراقي، أن:

"مبادرة الحزام والطريق لها أهمية كبيرة لإعادة إعمار العراق بعد الحرب".

كما وذكر وزير النقل الاسبق (عبد الله لعيبي) خلال أحد الاجتماعات للجنة الامر الديواني ٧٠ لسنة ٢٠١٨، امكانية الاسراع باجراءات انضمام العراق الى بنك الاستثمار الاسيوي للبنى التحتية من اجل "تمويل تنفيذ مشاريع الطرق والجسور والموانئ والمطارات والسكك الحديد على طول طريق الحرير الجديد"، مبينًا سعي الجهات المعنية لانضمام العراق للمبادرة.

كما ودعا (لعيبي) في حينها إلى عقد ورشة عمل مشتركة تجمع بين العراق والصين للوصول إلى "خارطة طريق واضحة خلال الأيام المقبلة".

وفي ظل حكومة مصطفى الكاظمي، أكد وزير النقل في حينها (ناصر الشبلي) عام 2020:

"أن ارتباط مشروع طريق الحرير بالعراق يعتمد على اكمال مشروع ميناء الفاو في البصرة".

مؤكداً:

"في حال إكماله سيكون العراق مركز (طريق الحرير) الذي تعمل عليه الصين لربط أوروبا بآسيا".

بينما أعتبر النائب (علي تركي الجمالي) أن:

"(الكاظمي) عاد من قمة جدة "بقتل" طريق الحرير، "لأن أمريكا صرحت لن نترك مكانا للصين وروسيا".

بحسب قوله.

كما وشارك عضو مجلس النواب العراقي لدورته الحالية (سعود الساعدي) عبر تغريدة له عدة وثائق، أوضح أنها تعود لمذكرة تفاهم بين حكومة العراق والحكومة الصينية، بشأن "التشارك في الدفع ببناء الحزام الإقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين".

وبالعودة لطريق التنمية الذي سبق أن ذكرناه في بداية مقالنا، فهو مشروع تطمح حكومة بغداد إلى تنفيذه بالتعاون مع دول المنطقة، يمتد طول المشروع 1200 كيلومتر داخل العراق بتكلفة أولية تقدر بحوالي 17مليار دولار، وسبق أن أوضح السوداني بأن المشروع سيكون في مرحلته الأولى خط للسكك الحديدية لنقل البضائع، بسعة 3.5 مليون طن، بينما سيصل في المرحلة الثانية إلى 7.5 مليون طن.

كما ويهدف المشروع إلى بناء 15 محطة قطار للبضائع والركاب، تنطلق من البصرة جنوبًا مروراً بالعاصمة بغداد وصولاً إلى الحدود مع تركيا.

وخلال لقاء جمع السفير الصيني لدى العراق (تشن وي تشينغ) برئيس مجلس الوزراء العراقي (السوداني)، ذكر السفير أن:

"مشروع التنمية مهمّ جداً للعراق، وسيكون طريق السلام والازدهار في المنطقة، وسيصبح مكمّلاً لمشروع الحزام والطريق".

مبدياً رغبته في الاطلاع على دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، واستعداد الصين لتقديم المشورات الفنية لإنجاز هذا المشروع الحيوي، بحسب بيان نقله مكتب السوداني بتأريخ 1 حزيران 2023.

وختامًا لموضوعنا ومن خلال جميع ما تطرقنا له، يتبين أن مشروع طريق الحرير في العراق لا يزال مجهول المصير فبعض الجهات تؤكد وجود اتفاقيات ومعاهدات للمشروع بين العراق والصين، في حين تؤكد جهات أخرى لا وجود للمشروع في العراق على أرض الواقع.