هل يعتبر فرانك هوغيربيتس مصدراً موثوقاً في رصد الزلازل وهل جميع تنبؤاته بها صحيحة؟
فرانك وتوقعاته بحدوث الزلازل
قام شخص يدعى (فرانك هوغيربيتس) يُعرف نفسه على أن "جيولوجي هولندي وباحث في شؤون الزلازل" بنشر تغريدة عبر حسابه على تويتر، الجمعة، 3 شباط 2023، توقع فيها حصول زلزال عاجلاً أم آجلاً بقوة 7.5 على مقياس ريختر في (تركيا، الأردن، سوريا، لبنان) ليتحقق بعض ما تنبأ به بعد ثلاث أيام ويضرب زلزال تم تقدير قوته بحوالي 7.8 درجة، الإثنين، 6 شباط 2023، مناطق جنوب تركيا وشمال سوريا.
الأمر الذي أثار ضجة وجدلًا واسعين وأكسب فرانك شهرة واسعة خصوصاً مع استمراره بنشر توقعاته الاستباقية لحصول زلازل في بلدان أخرى وتركيز وسائل الإعلام على ذلك.
فهل يعتبر فرانك مصدراً موثوقاً في رصد الزلازل بدقة وهل جميع تنبؤاته بها صحيحة؟
هل يعمل فرانك في مؤسسة موثوقة لرصد الزلازل؟
أن فرانك هوغيربيتس يدعيّ أنه يعمل كـ"باحث ومبرمج" لدى معهد يدعى "Sloar System Geometry Survey" وترجمته (مسح هندسة النظام الشمسي)، وهي مؤسسة غير ربحية مسجلة في هولندا
عند البحث للتحقق من موثوقية المعهد ونشاطاته، وجدنا الموقع الإلكتروني الخاص به، وذكر لاسمه في تقارير وسائل إعلام تناولت تغريدة فرانك التي تنبأ فيها بزلزال تركيا وتنبؤات أخرى غير صحيحة.
فيما أن القسم التعريفي الخاص بالمعهد على موقعه الالكتروني لا يحتوي على أي معلومات رسمية تؤكد اعتمادية المعهد وموثوقيته سوى انه يعرف نفسه على أنه "معهد أبحاث لرصد الهندسة بين الأجرام السماوية المتعلقة بالنشاط الزلزالي"، ويقوم بنشر نشاطات لفرانك، حتى الحسابات التي يتابعها حساب المعهد على تويتر والذي تم إنشاؤه في شهر حزيران 2022, والتي يبلغ عددها حوالي 96 حساب تم البحث في جميعها ولم نجد أياً من الحسابات الشخصية منها انها تعود لعلماء او خبراء جيولوجيين عاملين في المعهد سوى حساب فرانك!
وقد قام فريق التقنية من أجل السلام بالتحقق بصورة موسعة من عائدية المؤسسة ليجد انها مؤسسة غير ربحية مسجلة في هولندا بالرقم (77396332).
ما هي الطريقة التي يعتمدها فرانك في التنبؤ بالزلازل؟
وردت عبارة "معهد أبحاث لرصد الهندسة بين الأجرام السماوية المتعلقة بالنشاط الزلزالي" في القسم التعريفي، وهي اختصار للطريقة التي يعتمدها فرانك في التنبؤ بحدوث الزلازل، وتقوم ببساطة على أساس الاعتماد على اصطفاف الكواكب لتوقع حدوث الزلازل، وهي طريقة غير مثبتة علمياً.
ففي الوقت الذي تعد فيه دراسات تأثير ظاهرة المد والجزر التي تحدث نتيجة اجتماع عدد من التأثيرات بين قوى جاذبيتي القمر والشمس بالتزامن مع دوران الأرض حول نفسها أي تشكّل ما يسمى بقوة (الطرد المركزيّة)، على الزلازل ضعيفة ولم تثبت وجود ارتباط بين الاثنين، فكيف بنظرية تأثير قوة الكواكب التي تبلغ أقل بخمسين مرة من تأثير القمر القريب من الأرض.
هل جميع تنبؤات فرانك صحيحة وموثوقة؟
في الوقت الذي لم يتحقق فيه ما تنبأ به فرانك في تغريدته بشكل كامل ودقيق بشأن قوة الزلزال والبلدان التي حصل فيها إلا أنه تنبؤه أقرب إلى ما حصل في الواقع، لكن ذلك لا يعني ان توقعات فرانك جميعها صحيحة ودقيقة ومعتمدة وان نظريته صحيحة، خصوصا أنه سبق انه قد بينّ بأنه "ليس حاصلًا على درجة علمية ولكنه متحمس" أي مجرد هاوي.
اعترف أن طريقته "غير علمية" بعد فشل تنبؤه في حصول زلزال عام 2015، كما ادعى انه "يوحى له بذلك وحي إلهي".
فقد سبق لفرانك أن قام بعشرات التوقعات غير صحيحة، مؤخراً وسابقاً، أخرها، الأحد، 13 شباط 2023، تنبؤه بحصول زلزال في المنطقة التي تشمل (افغانستان وباكستان وحتى إيران بعد التقاط تقدير تقريبي تقلب جوي، وأشهرها ادعاؤه أن زلزالا كبيرا سيضرب كاليفورنيا يوم 28 آيار 2015، وحث الناس على وضع خطة هروب جاهزة، محذرا من وقوع زلزال خطير للغاية بقوة 8.8 درجة أو أعلى، إلا أنه لم يحدث أي زلزال! وتنبؤه بحدوث زلزال في ذات السنة سيغير وجه الكرة الأرضية ليفشل تنبؤه بعدم حصول زلزال مماثل.
كيف صح بعض ما تنبأ به فرانك في تغريدته بشأن زلزال تركيا وسوريا؟
أن سبب الزلزال هو "نتيجة تحرك الصفيحة التكتونية العربية التي تتقدم نحو تركيا باتجاه الشمال، حيث تلتقي أطباق الأناضول والعربية في جنوب تركيا، تحدث مثل هذه الزلازل العنيفة في تلك المنطقة والتي لا يمكن التنبؤ بها"، بحسب ما أوضحته الجيوفيزيائية وعالمة الزلازل الألمانية (شارلوت كرافتسيك) من مركز الأبحاث الألماني لعلوم الأرض في بوتسدام، في مقابلة أجرتها مع موقع القناة الألمانية الأولى، الثلاثاء، 7 شباط 2023، ولكون المنطقة التي شهدت حصول زلزال وبالضبط المنطقة الفاصلة بين سوريا وتركيا هو مكان التقاء ثلاث طبقات تكتونية فأنها تعد منطقة مناسبة لحدوث زلازل قوية، الأمر الذي ساهم في صحة تنبؤ فرانك دون غيره من التنبؤات السابقة التي فشلت.
هل توجد أي طرق او أجهزة لرصد الزلال بدقة وبشكل مبكر؟
في ظل التطور العلمي والتكنولوجي الكبير الذي يشهده العالم، إلا أنه إلى الان لاتوجود أي آلية لتحديد وقت وتاريخ وقوع الزلازل، فبحسب ما نقلته bbc فأن "حتى مع ماتوصل إليه العلم من أجهزة متطورة، تعد إمكانية التنبؤ بحدوث هزة أرضية مسألة معقدة للغاية، خلافا للبراكين التي يمكن التنبؤ بثورانها قبل فترة.
وتتحرك المستشعرات الزلزالية في خيوط متعرجة فقط أثناء حدوث الاهتزازات الأرضية. وحتى الآن، لم يعثر العلماء على أي إشارات يبدو أنها تحدث باستمرار قبل الزلازل الكبيرة.
من ناحية، يمكننا حساب احتمالات أن الزلازل الكبيرة ستضرب مناطق جغرافية واسعة على مدار سنوات أو عقود، وهذا ما يسمى بالتنبؤ. من ناحية أخرى، يمكن لأنظمة الإنذار المبكر أن تنقل أخبار الهزات الأولى للأشخاص على مسافة بعيدة ، مما يمنحهم ثوان لتجهيز أنفسهم. لكن الهدف النهائي المتمثل في التحديد الدقيق لوقت وموقع وحجم الزلزال في المستقبل هو أمر بالغ الصعوبة .
أما ما يتداوله البعض من وقت إلى آخر عن قرب حدوث زلزال، فيتم افتراضه على أساس مقارنات تاريخية لاحتمالية تكرار وقوع هزات أرضية في منطقة جغرافية معينة، لكن ذلك لايعني حتمية وقوعها.
وهو ما أكدته عالمة الزلازل في برنامج (مخاطر الزلازل) بـهيئة المسح الجيولوجي الأميركية (سوزان هوغ) خلال حديثها للـ(إذاعة الوطنية العامة الأميركية)، رداً على منشورات لتوقعات استبقت حدوث الزلزال المدمر الذي هز سوريا وتركيا، حيث نفت فيه صحة الادعاءات والتصريحات بخصوص إمكانية توقع الزلازل، مشيرة إلى أن الحالة الأخيرة هي أحدث مثال لهذه "البيانات والتوقعات العشوائية"، واصفةً الأمر بأنه عرضي، مشيرة إلى أنه "حتى الساعة المتوقفة تكون صحيحة مرتين في اليوم".